الثلاثاء، 25 يوليو 2017

توثيق معصرة زيت قديمة

معصرة زيت قديمة
تمهيد:
شجرة الزيتون شجرة مباركة ذكرت في القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول محمد (ص) كما أن السيد المسيح باركها وكرمها وحمل غصن الزيتون شعاراً للسلام والمحبة والإخاء.
تقول أحدث الدراسات أن شجرة الزيتون نشأت أصلا في فلسطين ومنها انتشرت إلى سوريا وتركيا وإيران شمالا ، ثم إلى الجنوب عن طريق التجارة إلى أسبانيا وإيطاليا. وقد اهتم الفينيقيون بشجرة الزيتون فقاموا بزراعتها ونشرها في معظم دول البحر المتوسط ، كذلك اهتم بها المسلمون وأدخلوا زراعتها في شمال أفريقيا وأسبانيا والبرتغال.
وفي دراسة أخرى تقول: أن سورية الطبيعية هي أول من عرف زراعة الزيتون منذ أكثر من ستة آلاف عام حيث وجدت جرار الزيت في موقع إيبلا الأثري.
وللزيتون هذه الشجرة المباركة استخدامات كثيرة منها:
الطعام وبعدة أشكال منها على شكل زيتون أخضر بعد تحليته وعلى شكل أسود يسمى العطون أو بعد عصر حبات الزيتون والحصول على الزيت.
التداوي وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول  الله صلى الله عليه وسلم " ائتدموا بالزيت ، وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة ". [ أخرجه ابن ماجة ورجالة ثقات وصححه الحاكم ] .
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن لزيت الزيتون تأثير مفيد جداً لمرضى القلب وارتفاع ضغط الدم حيث أن الأشخاص الذين يتناولون زيت الزيتون بانتظام ضمن  الوجبات الغذائية اليومية يكون مستوى ضغط الدم عندهم طبيعياً .
وأظهرت العديد من الدراسات أن هناك تناسبا عكسيا بين تناول زيت الزيتون وبين حدوث عدد من السرطانات ، حيث وجد أن هناك علاقة وثيقة بين تناول زيت الزيتون و انخفاض معدل حدوث سرطان الثدي والمعدة . وأن تناول الزيت يقي من عدد كبير من السرطانات مثل سرطان القولون ، سرطان الرحم وسرطان المبيض .
وتشير الإحصاءات أن استعمال زيت الزيتون في الغذاء يخفض الإصابة بسرطان الثدي 35 % . وتعتبر أسبانيا أقل البلاد في إصابة سرطان الثدي لدى النساء .
إن تناول زيت الزيتون باستمرار في الوجبات الغذائية ، يساعد في تنشيط وظائف الكبد وزيادة إفراز العصارة الصفراوية من المرارة وكذلك إلى تلطيف الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء ، كما يؤدي إلى تفتيت حصوات الكلى والمرارة والحالب.
طريقة الحصول على زيت الزيتون (عصر الزيتون):
قام الإنسان منذ آلاف السنين بالحصول على زيت الزيتون من خلال عصر الزيتون والحصول على الزيت منه واستخدم لذلك الأدوات البدائية التي تمكنه من ذلك ولعل من أقدمها استخدامه لرحى الطاحونة (الجاروشة) التي يتم تشغيلها بواسطة الحيوانات ثم تدرجت بعد ذلك أنواع معاصر الزيت وتمّ تحديثها إلى أن وصلنا للمعاصر الحديثة التي تعمل بالطرد المركزي ومن أهم أنواع معاصر الزيت التي تمّ تحديثها:
المعاصر التقليدية الجاروشة
عبارة عن رحى حجرية تدار بواسطة الحيوانات وهي ذات تكلفة قليلة وتتميز بانخفاض الإنتاجية وانخفاض نسبة استخلاص الزيت.

  
صورة معصرة حجرية تدار رحاها بواسطة الحيوانات حصلنا عليها من مديرية سياحة إدلب

وقد وجدت أحدى المعاصر القديمة في منطقة البارة وسرجبلة التابعة لمحافظة ادلب والتي تعود للألف الثاني قبل الميلاد.
أقسامها :
قسم تجميع الثمار قبل العصر.
قسم الجرش ( الطحن ) ويظهر في حجر الرحى الكبيرة المجوفة.



حجر الرحى – معصرة زيت بيزنطية (مأخوذة من الانترنت)
قسم الضغط على المادة المجروشة.
قسم جمع الماء والزيت.



  



جرار فخارية لجمع الزيت بعد عصره وجدت في معصرة حارم

قسم الترقيد وفيه يتم فصل الزيت عن الماء بعد أن يتم طفو الزيت في الأعلى.



جرن يستخدم لجمع الزيت وترقيده وجد في معصرة حارم 





صورة معصرة قديمة في منطقة البارة وسرجبلة حصلنا عليها من مكتب الزيتون بادلب




    بعض أنواع العربات التي كانت تستخدم لنقل الزيتون والزيت داخل المعصرة (وجدت في معصرة حارم) 

2.    المعاصر التقليدية التي تعمل بأسلوب المكابس القديمة
وتعتمد هذه على طريقة الكبس باستخدام المكابس القديمة والتي تقادمت مع الزمن فانخفضت كفاءتها الإنتاجية وانخفضت نسبة الاستخلاص بها إضافة إلى حاجتها لكثير من أعمال الصيانة والأيدي العاملة وارتفاع نسبة فقد الزيت فيها.
3.    المعاصر التقليدية العاملة بأسلوب الكبس
وتستخدم هذه المعاصر المكابس الهيدروليكية الحديثة نسبيا وهي متوسطة الكفاءة ومتوسطة نسبة الفقد وحاجتها إلى الأيدي العاملة اقل منها بالنسبة للمعاصر العاملة بأسلوب المكابس القديمة.
4.    المعاصر الحديثة
وهي المعاصر التي تعمل بأسلوب الطرد المركزي ومنها ما يعمل بثلاث مراحل ومنها نوع احدث يعمل بمرحلتين. وتتميز هذه المعاصر بانخفاض عدد الأيدي العاملة اللازمة وارتفاع نسبة الاستخراج وجودة الزيت المستخرج.
وتعتبر محافظة إدلب من المحافظات الرائدة في زراعة الزيتون حيث تبلغ المساحة المزروعة بالزيتون في محافظة إدلب / 122036 / هكتار منها / 116517 / هكتار بعلي و / 5519 / هكتار مروي فيما يبلغ العدد الكلي لأشجار الزيتون حوالي 14 مليون شجرة منها 11 مليون و 700 ألف شجرة مثمرة .
وبناءً على ذلك  فإن معاصر الزيت تنتشر انتشاراً واسعاً حيث يوجد في محافظة إدلب 172 معصرة منها 170 معصرة حديثة تعمل بالطرد مركزي طاقتها الإنتاجية 5000 طن يومياً ومتوسط الطاقة اليومية لكل منها 30 طن ومعصرتان قديمتان عاملتان فقط واحدة منهما في مدينة سلقين التابعة لمنطقة حارم وقد تمّ تحديث هذه المعصرة التي يعود عمرها إلى / 150 /عام وأصبحت من النوع الثالث من المعاصر القديمة أي المعاصر التقليدية العاملة بأسلوب الكبس.
وسنتعرف على طريقة عصر الزيتون واستخلاص الزيت بواسطة هذه المعصرة.
•       طريقة عمل المعصرة:
تستخدم هذه المعاصر في عملها أسلوب الضغط أو الكبس إضافة إلى أقراص تسمى بـ (العلائق) أو الخوص وهي حالياً مصنوعة من النايلون وسابقاً كانت مصنوعة من الشعر (غنم أو ماعز).



العلائق أو أكياس الخوص-معصرة سلقين

يأتي الفلاح بمحصوله من الزيتون إلى المعصرة طالباً عصر إنتاجه من هذا المحصول وعادة ما يكون قد اكتمل نضج ثمار الزيتون في بداية فصل الشتاء أي شهر تشرين الثاني وحالياً تقوم الجهات المعنية في المحافظة (مكتب الزيتون والمكتب التنفيذي في المحافظة) بتحديد موعد جني وعصر الزيتون.
وقد يبقى هذا المحصول داخل المعصرة يوم أو يومين وذلك حسب عدد الزبائن المتواجدين في المعصرة يستقبله عمال المعصرة بالترحاب ويستلمون منه محصوله المعبأ في أكياس ويوضع هذا المحصول في مكان يخصص لهذا الزبون وهو عبارة عن جزء من المعصرة محدد بقواطع بلوك تفصل بين كل مكان والذي يليه تسمى بالمكسر.


(المكسر) مكان وضع محصول الزبون الذي يرغب بعصر زيتونه (من معصرة حارم) 

وتبدأ عملية العصر بالمراحل التالية:
1. يوضع الزيتون المراد عصره في الدلو وهو عبارة عن حوض يجمع فيه الزيتون العائد لزبون واحد.
2. ثم يتم نقله بواسطة سير ناقل إلى الغسالة وفي هذه الأثناء يقوم ساحب كهربائي بواسطة الشفط بسحب الأوراق العالقة بالزيتون.
3. يصل الزيتون إلى الغسالة بدون أوراق فيتم غسله بالماء وتنظيفه من الأتربة والأوساخ العالقة به.
4. ينتقل بعد ذلك إلى حوض تجميع الزيتون المغسول والنظيف.
5. ينقل الزيتون المغسول بواسطة سير ناقل على شكل حلزون إلى الكسارة (الجاروشة) والتي تدور بحدود / 7000 / دورة في الدقيقة ودرجة حرارة /30/ درجة مئوية حيث يتحول الزيتون المجروش إلى ما يشبه العجينة ويذكر هنا بأنه قد يضاف إليه بعض الماء الساخن إذا كان الزيتون غير كامل النضج أو قريب من اليابس (ناشف) وذلك للمساعدة في عملية العجن أو الجرش.
6. يبقى الزيتون المجروش بحدود / 30 / دقيقة في المعاجن.
7. توضع عجينة الزيتون بعد ذلك على شكل لفائف على العلائق (الخوص) وتضاف كل عليقة إلى التي بعدها على شكل عمود تطبق فيه العلائق فوق بعضها البعض وبحدود /100/ عليقة يتخلل بينها صاج حديد يساهم بعملية الضغط وبين الصاج والصاج الذي يليه أربع علائق (خوص) مليئة بعجينة الزيتون استعداداً لعملية الضغط.
8. يوضع عمود العلائق (الخوص) على عربة المكبس لتعريضها للضغط المسموح به ويقدر بــ( 400 كغ/سم2).
9. تعصر العجينة ويتم إنتاج الزيت مع ماء الزيتون (مستحلب يتم فرزه لاحقاً بواسطة فرازة آلية تدور بسرعة 7000/د في الدقيقة).
10. يعبأ الزيت في صفائح بعد الفرز ويتم تسليمه لصاحبه.
11. يتم بعد ذلك تفكيك عمود الخوص واستخلاص بقايا عملية العصر الناتجة والمسماة (البيرين) ويقدر الزيت المتبقي في البيرين بعد عملية العصر بحدود/ 5- 6 % / وللبيرين استخدامات عديدة منها:
1. إعادة عصره مرة ثانية واستخلاص زيت يستخدم في صناعة الصابون.
2. يستخدم في تصنيع أعلاف للحيوانات.
3. يستخدم في عملية الحرق حيث تصنع أقراص منه تعد خصيصاً للحرق.



العلائق وعليها عجينة الزيتون وبينها الصوج-معصرة سلقين




عمود الخوص تحت (المكبس) الضغط


البيرين

حموضة الزيت (الأسيد):
تعتمد جودة الزيت على نسبة الحموضة فيه فكلما كانت قليلة كان أجود وطعمه مستساغاً أكثر ويتم ذلك من خلال معايرته بماء مقطر معالج بماءات الصوديوم والكحول وكاشف فينول فيتالئين وتتم العملية كما يلي:
1. توضع قطرات من زيت الزيتون في أنبوب اختبار بحجم 10سم3 ثم ينقل إلى حوجلة.
2. ينظف الزيت العالق في أنبوب الاختبار بواسطة الكحول الذي يحوي على الكاشف.
3. يخلط المزيج بشكل جيد (خض المزيج بشكل جيد).
4. يضاف الماء المقطر للمزيج (الزيت+الكحول) حتى يظهر اللون الأحمر بشكل نهائي وبذلك تتحدد نسبة حموضة الزيت من خلال معرفة كمية الماء المقطر المستهلكة حتى ظهور اللون الأحمر.
5. تجارياً يقال لـ / 1 مل / بـ (الشخط) فإذا استهلك / 1 سم/ ماء مقطر يكون نوع أول أي بما يعادل / 10 شخط/ مثلاً يقال زيت نوع أول وثلاثة شخوط وهكذا أي استهلك من الماء المقطر 1سم3 و 3مل فقط.
عمل هذا النوع من المعاصر مكلف مقارنة مع المعاصر الحديثة فمن حيث عدد العمال فهي تحتاج لعدد أكبر يقدر من/ 7 -8 / عمال بينما في المعاصر الحديثة تتطلب بحدود ثلاثة عمال فقط ناهيك عن الفترة الزمنية التي تستغرقها عملية العصر ولكن كما أكد صاحب المعصرة فإن نكهة الزيت تبقى طبيعية بخلاف المعاصر الحديثة التي تستخدم الطرد المركزي وذات درجة الحرارة المرتفعة التي تحرق الزيت وتضيع نكهته.
توثيق محمد أحمد الأحمد - حارم

الجمعة، 14 يوليو 2017

دراسة أثرية موثقة لحمام حارم

دراسة أثرية موثقة لحمام حارم
لمحة تاريخية:
حكم المماليك بلاد الشام بين سنتي 1250 و 1516، وقد تركوا بصمات عمرانية عديدة منها المعابد والمسابح والملاعب والحمامات.
وقد انتشرت الحمامات في المدن الشرقية القديمة مثل دمشق وحلب وحمص وحماه وحارم التي هي جزء من مملكة الألالاخ التي هي إحدى الحضارات الآرامية التي عاصرت مملكة حلب ومملكة عنجر ومملكة آرام فدان ويعود حمام مدينة حارم إلى الفترة بعد الفتوحات الإسلامية أي الفترة المملوكية منذ حوالي سبعمائة عام.
يتوضع هذا الحمام في وسط مدينة حارم قرب الجامع والسوق وبجوار القلعة الشامخة حيث استفاد من غنى المنطقة بالمياه وموقعه قريب جداً من مجرى ماء يقع إلى جواره وأعلى منه فيستفيد من هذا الماء دون عناء أو تكلفة.
وفي فترة هجوم المغول على سورية ردم الحمام بالكامل وأصبح أطلال وفي الفترة العثمانية أعيد ترميم الحمام وتعزليه على يد أسرة من (آل كوسا) من قرية (الحامضة) الموجودة لواء اسكندرون وأعيد فتح الحمام واستخدامه ومازال محافظاً على هيكليته البنائية حتى يومنا هذا.
بناء الحمام:
بني هذا الحمام على الطراز القديم الذي كان شائعاً في تلك الفترة حيث يقسم إلى أربعة أقسام رئيسية هي: القميم والجواني والوسطاني والبراني.
يطلق على الحمام في مدينة حارم اسم حمام السوق لقربه من سوق المدينة وهو من الأمور الجميلة والسياحية ضمن المدينة والتي ما زالت محافظة على أصالتها ورونقها.
وقد بني هذا الحمام على مبدأ الأقواس والقبب حيث كانت العمارة السائدة في تلك الفترة الزمنية وهذه الطريقة في البناء تعطي متانة وقوة للجدران بحيث ترتكز حجارة الجدار على بعضها البعض من خلال هندسة حجرة البناء وتوضعها التي تستفيد من ميول زوايا الحجرة بشكل يؤدي إلى تلاحم هذه الأحجار فنياً وهندسياً حتى لا تكاد تحتاج إلى طينة عجينية (أسمنت) تثبت الأحجار فوق بعضها البعض وهذا السبب الذي أدى إلى أن الحمام بقي محافظاً على بنائه وهيكليته حتى الآن.
  


الأقواس في البراني كما تبدو في حمام حارم




الأقواس في الوسطاني كما تبدو في حمام حارم

وقد اشتهرت العصور المملوكية في بلاد الشام بجمال حماماتها وبالنوافذ والكوات الزجاجية الموجودة في قبب الحمام بحيث تمنح النور الكافي للمستحمين داخل الحمام وهذا ما نجده في حمام حارم أيضاً.



الفتحات والكوات الموجودة في سقف حمام حارم من أجل الإنارة

أم اليوم فقد تراجع دور هذه الفتحات والكوات بسبب وجود الكهرباء في كل مكان والتي أنارت جميع مرافق الحياة بما فيها الحمامات.
أقسام الحمام:    
يقسم الحمام إلى أربعة أقسام رئيسية:
القميم: وهو المكان الذي يسخن فيه ماء الاستحمام، ويستعمل عادة (البيرين) إلى يومنا هذا كوقود للتسخين والبيرين هو الفضلات الناتجة عن عصر الزيتون.
الجواني: وهو مكان الاستحمام ذو درجة عالية من الحرارة ويقسم في حمام حارم إلى أربعة أقسام، كل قسم يحوي جرن لملئ الماء الساخن المعد للحمام، والأجران الأربعة الموجودة مصنوعة من الحجر وتستخدم حتى الآن حيث لم يطرأ عليها أي تعديل.




الجرن الحجرية الموجودة في حمام حارم




جرن حجرية أخرى موجودة في الوسطاني

أما أرض الجواني فهي مرصوفة بالبلاط وهو من الحجر القاسي الذي يتحمل درجة عالية من الحرارة.
الوسطاني: وهو مجموعة من المساطب ينتقل إلها المستحم للاستراحة من عناء الحمام ذات درجة حرارة أقل من درجة حرارة الجواني وتفيد المستحم بأنه لا ينتقل مباشرة إلى درجة حرارة منخفضة وهذا من الناحية الصحية مفيد للمستحم. وفي الوسطاني عادة يتناول المستحمون بعض المأكولات التي يجلبونها معهم مثل التبولة أو الفواكه وغيرها.
البراني: وهو آخر الأقسام وعبارة عن مجموعة مساطب مفروشة بالحصر والسجاد ويتم فيه تبديل وزرة الحمام بالمناشف ويجلس الشخص المستحم ليتناول المشروبات كالشاي أو القهوة المرة وقد يطلب الأركيلة أيضاً وبعض الفواكة كضيافة من صاحب الحمام.



صورة للبراني في حمام حارم تتواجد فيه البحرة بالوسط ويظهر قفص التنشيف فيها.

وفي وسط البراني توجد البحرة التي تترقرق فيها المياه الصافية والتي يحلوا الجلوس بقربها.
ونجد أيضاً مكاناً لتنشيف الوزرات والمناشف على حرارة هادئة توضع ضمن قفص طويل في أسفله يوجد البيرين المستخدم في حراقات الحمام.

تحقيق: محمد أحمد الأحمد - حارم

الأربعاء، 12 يوليو 2017

من الأكلات الشعبية (المقبلات) - مكدوس الباذنجان

من الأكلات الشعبية (المقبلات) - مكدوس الباذنجان
إعداد: محمد أحمد الأحمد
                                                                                                                                                        

المكدوس من الأكلات القديمة وهو نوع من المقبلات تشتهر بها منطقة حارم حيث تتميز بأنواع من الباذنجان المعروفة على مستوى القطر والتي تصلح لعمل المكدوس.

يستعمل للمكدوس الباذنجان ذو الحبات الصغيرة، وبشكل عام هذه الأكلة معروفة في كل بلاد الشام، يؤكل المكدوس على مائدة الفطور أو العشاء ويحفظ المكدوس مغموراً بزيت الزيتون لمدة طويلة تصل لعام كامل.

 

وفي حارم عندما تقرر ربة المنزل عمل المكدوس يفرح الصغار ويتحلقون حول والدتهم، لا بل يصرون على مساعدتها ويقوم صاحب البيت بانتقاء حبات الباذنجان الصغيرة من السوق أو يقوم بشراء كمية كبيرة من بائع الجملة وتقوم ربة المنزل بفرز الحبات الكبيرة عن الصغيرة التي تصلح للمكدوس ويتم ذلك في جو أسري ممزوج بالفكاهة والعمل.

 

يبدأ بعد ذلك التحضير ويتضمن أربعة مراحل:
المرحلة الأولى : سلق حبات الباذنجان
بعد اختيار الكمية المطلوبة يتم نزع القبعة الخضراء لحبة الباذنجان ثم وضع الحبات في (طنجرة) وعاء كبير وكبس الحبات (بالكباسة) وهو جسم معد خصيصاً للضغط على الحبات حتى لا تطفو على وجه الماء.
وتركه يغلي تقريباً مدة عشر دقائق تقريبا نصف استواء.

 
وبعد ذلك يتم إخراجه من الوعاء وينزع رأس حبة الباذنجان ثمّ يصفى من ماء السلق ويعمل شق صغير في كل حبة ووضع قليل من الملح فيه (يساعد على خروج الماء منه).


ومن ثم تطبيق الحبات ضمن مصفاة موضوع فوقها قطعة قماش قابلة للامتصاص  وبعد الانتهاء من وضع الملح للحبات تكبس المصفاة بثقالة لا على التعيين ويترك على هذا الوضع لفترة زمنية يقدر من خلالها خروج معظم الماء منه أي لتصبح الحبة فارغة تماماً من الماء.
 

المرحلة الثانية: تطبيق الحبات في صينية
يصف في صينية مسطحة الشكل و مفروشة بجريدة  لكي تتعرض الحبات  للهواء الطلق  لمدة ساعات ريثما تجف الحبات من رطوبة الماء والهدف من التخلص من رطوبة الماء هو عدم حموضة الحبات والمحافظة على طعمها الطيب.
 

المرحلة الثالثة: تحضير الحشوة
الحشوة وتتألف من: لب الجوز الناعم والثوم والفليفلة الحمراءالمطحونة أو المهروسة والملح وزيت الزيتون البلدي.
 
بينما تجف الحبات من الرطوبة يتم تحضير الحشوة والتي تتضمن الفليفلة  الحمراء المهروسة مع كمية من الجوز المفروم ناعماً وقليل من الثوم المهروس مع بهارات  وقليل من الملح ثمّ تخلط مع بعضها البعض بشكل جيد وتختلف المقادير ونسبة الطعم الحاد حسب الأذواق.
ملاحظة : يمكن وضع اللوز أو الفستق الحلبي بدلاً من الجوز في الحشوة.
 
الحشوة جاهزة

المرحلة الرابعة: وضع الحشوة ضمن كل حبة من حبات الباذنجان والحفظ
نبحث عن  الشق المعمول سابقا في كل حبة ليتم وضع الحشوة ضمن الحبة من خلاله بكمية نستطيع من خلالها تسكير الشق بشكل مريح.
ثمّ يتم تطبيق الحبات بشكل مرتب ضمن جام زجاجي أو بلاستيك ويفضل الزجاجي للاحتفاظ بالمكدوس لفترة طويلة.
بعد ذلك يوضع زيت نباتي أو بلدي (زيتون) على الحبات  بكمية تُغمر فيها الحبات ويترك لمدة أسبوع على الأقل ثمّ يؤكل على الفطور أو على العشاء مع الشاي. وصحة وهنا.  


المرحلة الأخيرة من المكدوس موضوعاً في وعاء زجاجي ومغموراً بالزيت البلدي.



المكدوس بعد نضجه التام وجهوزيته للأكل وصحة وهنا
                                                                                                               
                                                                                               إعداد: محمد أحمد الأحمد


الأحد، 9 يوليو 2017

توثيق صناعة خبز التنور

توثيق صناعة خبز التنور

يعتبر حالياً خبز التنور من التراث الذي يفخر به ريفنا الجميل، وخبز التنور ذو النكهة المتميزة أصبح الآن في الحياة المدنية فاكهة جميلة من حصل عليها فهو ذو حظ عظيم، في هذه الدراسة الموثقة نلقي الضوء على تاريخ هذه الصناعة التراثية وطريقة الصنع وتأثيرها على الحالة الاجتماعية في الريف مع أهم الأقوال والأمثال التي قيلت في ذلك.
لمحة تاريخية:
يميل الإنسان منذ القدم إلى الاستقرار ولعل من أهم الأمور التي تمكنه من ذلك وجود الماء للشرب ولقضاء حاجاته ووجود الغذاء، وقد بينت الدراسات أن الأماكن التي تحوي على الماء كانت أول الأماكن التي قامت بها الحضارات ولعل من أهمها حضارة وادي النيل وحضارة بلاد الرافدين وكلا الحضارتين استغلت المياه للزراعة وتطويرها  إلا أن حضارة بلاد الرافدين كانت متطورة أكثر حيث كان يسكن السومريون ومنذ الألف الرابع قبل الميلاد وحسب الدراسات الحالية التي بينت أنه في وادي الرافدين (شمال سورية) دجنت الحنطة للمرة الأولى، حيث كان السجل الغذائي في سومر يتكون بشكل أساسي من منتجات الحبوب والتمور والعسل والسمسم (الطحينية).
وكما يورد كتاب الحياة اليومية في بلاد ما بين النهرين قديماً تفاصيل هامة عن نمط تغذية السكان التي كانت تقوم على الشعير وحبوب أخرى مثل الدخن والقمح والشيلم والتي تطحن بالطواحين الحجرية لإنتاج أنواع مختلفة من الدقيق الذي يستخدم في صناعة الخبز. وفي الألف الثالث ق.م استخدم الرز في التغذية. وكان السومريون يشربون حليب البقر والماعز والأغنام وكانت هناك صناعة مشتقات الحليب مثل الجبن وهو ذي أنواع كثيرة منها الجبن الأبيض والأجبان الحلوة والحادة المذاق. وعرفت صناعة البيرة وبأنواع مختلفة والنبيذ الذي كان يصنع من العنب.
وبشكل عام ومنذ أن تكونت الخليقة على سطح الأرض يسعى الإنسان ويكافح من أجل الحصول على لقمة العيش وقد دلّ كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير أن عملية الطحن والخبز كانت منذ آدم عليه السلام:
((آدم -  وكان حسن الصورة لا يشبهه من ولده غير يوسف # وأنزل عليه جبريل بصرة فيها حنطة فقال آدم ما هذا قال هذا الذي أخرجك من الجنة فقال ما أصنع به فقال انثره في الأرض ففعل الله من ساعته ثم حصده وجمعه وفركه وذراه وطحنه وعجنه وخبزه كل ذلك بتعليم جبريل عليه السلام)) (ج1 -  ص39).



خبز التنور:
جميع ثورات الجياع نُسبت أسبابها للخبز وليس لغيره (كالرز أو العدس ...الخ) كما انه لا يعني المعنى الحرفي لكلمة الخبز وحدها.
الخبز الغذاء الرئيسي الذي يجب أن يكون على مائدة الطعام، تنوعت مصادر الحصول عليه ولكن يبقى الإنسان الأول الذي فكر وابتكر في كيفية الحصول على رغيف خبز يتناوله بشهية ولذة، الإنسان القديم الريفي الذي لا يملك من أدواته إلا التراب والحجر وبقايا متناثرة من أمتعة وألبسة بالية لا تصلح لشيء، حاول هذا الإنسان الاستفادة من هذه الأدوات فسخرها لخدمته وأوجد منها ما يستفيد منه فكان من بين ما كان التنور.
ما هو التنور:
التنور (كلمة بابلية)
وفي اللغة العربية الفُرْنُ الذي يخبز عليه الفُرْنِيُّ وهو خبز غليظ.
وقد وردت كلمة التنور في القرآن الكريم.
قال الله عزَّ و جل : { حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } ( سورة هود: 40).
المراد من " التنور " في قوله تعالى هو المكان المعروف الذي يُخبز فيه الخُبز ، و كان فوران الماء من التنور ـ و هو موضع غير معهود خروج الماء منه ـ علامة للنبي نوح ( عليه السلام ) و بمثابة الإنذار و بداية العد التنازلي ، وكان على نوح ( عليه السلام ) أن يتهيأ هو و أصحابه لركوب السفينة عند حصول هذه العلامة .
مما يصنع التنور:
يصنع التنور من التراب الأحمر (البعض يستخدم التراب المستخرج من قيعان الوادي ويكون أبيضاً ولكن ذراته تتمتع بقساوة كبيرة توازي قساوة الرمل) ويخلط هذا التراب بالتبن وهو بقايا النباتات النجيلية (القمح – الشعير وغيرها) بعد حصادها أو بقايا أكياس الخيش وهذا يعطي الخليط قوة ومتانة إضافة إلى قطع من القرميد.
بعد ذلك تختار السيدة الريفية مكاناً مناسباً في فناء الدار الذي يكون واسعاً على أية حال وتبدأ بعجن هذه الخلطة وتساعدها في ذلك عدداً من جيرانها أو أقرباؤها وتبدأ في بناء التنور المنتظر.
 الطحين:
يستخرج الطحين من القمح بشكل رئيسي، وقديماً استعملت حبوب أخرى لاستخراج الطحين وخبزه مثل الذرة والشعير إلا أنها اليوم لا تستعمل.
القمح من أقدم ما عرفه الإنسان، ويعود تاريخه ومعرفته إلى العصر الحجري، وقد جدت نقوشه ورسومه في الآثار الكثيرة، وهذا يدل على مكانته التي كانت بمقام التوقير و التقديس. وتذكر الأديان أن القمح من نباتات الجنة نزل إلى الأرض، وقد يكون موطنه الأصلي ما بين الشام (فلسطين، الأردن، سورية، لبنان)، واليونان.‏
يزرع القمح في كافة الأراضي السورية وله نوعان القمح القاسي والقمح الطري ومنه يستخرج الطحين بعد عملية الطحن.
مستلزمات الخبز على التنور:
1.  المنخل: وهو عبارة عن إطار دائري خشبي أو معدني  يوصل بقاعدته شبك معدني فتحاته بقطر صغير جداً تسمح للذرات الناعمة بالمرور من خلاله فقط ويستخدم لتنقية الطحين من العوالق والنخالة وبقايا عملية الطحن.  

2.  الكارا: وهي عبارة عن قرص دائري مصنوع من قطع قماشية قديمة يوضع عليه قطعة العجين الرقيقة عند إدخالها إلى التنور.  

3.  الطست: وعاء واسع يستخدم لعملية العجين.  

4.  الطبيقة: وعاء واسع مصنوع من القش ذو تلوينات فنية جميلة يستخدم لوضع الخبز المستخرج من التنور أثناء عملية الخبز.  

5.  الشوبك: اسطوانة خشبية تستعمل لتفتيح قطعة العجين وجعلها رقيقة.  

 6.  الخميرة: لتعطي العجين طعماً مستساغاً حيث تمنعه من الفساد (الحمضة) وتشترى من السوق جاهزة أو تترك قطعة من عجين سابق.
7.    الطحين والماء والملح والزيت والحطب والتنور.
 عملية العجين:
بعد نخل الطحين وتنقيته يسكب في الطست وذلك وبمقدار ما تريد ربة المنزل أي بما يكفي العائلة ليومين أو ثلاثة ثم قوم بسكب الماء فوقه ويتم مزجه بشكل جيد ثم تضيف له الملح والخميرة وبعد عجنه بشكل جيد أي مزج مع تقليب من جميع الجهات بواسطة الأيدي حتى تصبح كتلة عجينية متماسكة وبعدها تغطى بمنديل نظيف لمدة ساعتين تقريباً ريثما يتم اختمار العجينة.
ويمكن لربة البيت الماهرة أن تكتشف اختمار العجين من الطرق عليه وسماع الصوت أو شم رائحته فتتأكد أن العجين اختمر وأصبح جاهزاً لعملية الخبز.
تبدأ بعد ذلك عملية تقطيع العجين إلى كرات صغيرة (تقريصة) مناسبة لجعلها رغيف خبز بحجم معين وتقوم بهذه العملية عدة سيدات تتعاون مع بعضها البعض وبعد الانتهاء تنقل هذه التقريصات إلى التنور حيث يكون قد تهيأ بعد إضرام النار به إلى عملية الخبز.
 عملية الخبز:
تتطلب عملية الخبز على التنور عاملتين أو ثلاثة على الأقل وبعد تنظيف التنور من بقايا الحطب المستخدم لإحماء التنور يتم وضع صينية قطع العجين (التقريصات) على مصطبة التنور ثم تبدأ عملية الخبز بدءاً من العاملة الأولى التي تقوم برق التقريصة بواسطة اليدين مع استخدام الزيت للمساعدة في عملية تفتيح العجينة ثم للعاملة الثانية التي تستخدم الشوبك فتصبح التقريصة رقيقة جداً وذات مساحة دائرية كبيرة ثم تنتقل للعاملة الثالثة التي تقوم بتقليبها على اليدين في الهواء وهنا تبرز القدرة والمهارة للسيدة الريفية التي تتمتع بالخبرة الواضحة بعد أن تدربت وقامت مرات عديدة بالخبز على التنور، توضع بعدها العجينة المرقوقة بشكل جيد وكاف على الكارا ثم تلصق في النهاية على جدار التنور المحمية بشكل جيد، يتم الانتظار حتى ينضج الرغيف ثم يتم نزعه باليد وبهذه الطريقة نكون قد ألممنا بطريقة الخبز على التنور بشكل جيد.
 استعمالات أخرى للتنور :
يستعمل التنور لأغراض أخرى غير إعداد الخبز مثل :
1)    خبز الفليفلة (المحمرة).
2)    خبز الحمص.
3)    شوي اللحم , الدجاج , السمك .
4)    ( كعك العيد) في المناسبات كالأعياد.
5)    شوي بعض أنواع الخضار كالباذنجان.
6)    تسخين الماء لاستعمالات المنزل.
7)    وأغراض أخرى تستعمل في حينها.
 الجانب الاجتماعي لعملية الخبز على التنور:
عملية الخبز على التنور في الأرياف السورية مناسبة غالية وعزيزة على نساء القرية حيث يجتمعن ويتحادثن مع بعضهن البعض عن مشاكل الأسرة ومناسبات القرية مثل الخطوبة والزواج والولادة وغيرها وتدور الأحاديث وبعض الأغاني والأمثال حيث يقال لا تخطب البنت إلا من راس التنور أي قديماً حتى تكون البنت مرغوبة للزواج يجب أن تكون ملمة بعملية الخبز على التنور وبمعنى آخر تكون ربة بيت ممتازة وقد قيلت أمثال كثيرة في الخبز على التنور وأحياناً يتم الحلفان بالخبز مثل وحق الخبز والملح و وحق مين خلقه والمقصود الخبز وأيضاً وحق هالنعمة.
 بعض الأمثال التي قيلت في الطحين والخبز والتنور:
•       خبز المبلول بيشفي المعلول.
•       عود بطنك على رغيفين ولا تعود جسمك على توبين.
•       اللي تعود على خبزك كل ما شافك بيتلمض.
•       اللي معود على خبزاتك كلما شافك بهز زنارو.
•       خبز وماء أكل العلماء.
•       عجينك من طحينك وخبزك بعرق جبينك.
•       هـ الطين ما هو من هـ العجين.
•       عجين الفراخ (الصبايا) أبيض ورفاخ (الرغيف).
•       وجهو ما بيضحك ولا للرغيف السخن.
•       ما يتنخطب البنت إلا من راس التنور.
 وأخيراً فإنه رغم التطور التكنولوجي والحضاري الحاصل فإن ريفنا السوري لا زال متمسكاً بأصالته وعاداته النبيلة، هذه العادات التي ينطوي تحتها آلاف القصص والحكايات التي أصبحت في زماننا هذا حكماً وأمثال يقتدى بها في الظروف الصعبة.
إعداد محمد أحمد الأحمد - حارم

الجمعة، 7 يوليو 2017

الحراثة (الفلاحة) القديمة



الحراثة (الفلاحة) القديمة


صورة أخذت في 6/4/1968 من أراضي مدينة حارم
فلاحة قديمة يستخدم فيها دابة من الخيل وثور أبقار

في ريفنا السوري الجميل ذو الحضارات القديمة وصاحب أقدم زراعة عرفها الإنسان في التاريخ وهي حضارة السومريون في بلاد الرافدين تنتشر الآلات الزراعية التي استخدمها الفلاح في أرضه وحاول التطوير فيها ولعل من أهمها آلة الحراثة (المحراث) التي استخدمها فلاحنا لشق الأرض وجعلها طيّعة بين يدية.
هذه الآلة لا تزال متربعة على قمة الهرم بالنسبة للآلات الزراعية وإن كان قد حصل فيها بعض التطوير والتحديث إلا أنّ الآلة الأصلية القديمة بقيت محافظة على مجدها ويستخدمها الفلاح حتى اليوم ولا غنى له عنها.
ما هو المحراث:
المحراث آلة تجهيز للتربة الزراعية حيث تعمل على حفر التربة وتقطيعها وتقليبها وتفتيتها حتى تصبح صالحة للزراعة.
وقد بينت النقوش والكتابات الأثرية على أن الشعوب القديمة كلها كانت تستخدم في حضاراتها الزراعية المحاريث القديمة مثل الفراعنة والبابليين وشعوب الازتيك والإنكا والهنود والفينيقيين القدماء.
فوائد الحراثة:
1-      الحراثة تقلل من صلابة الطبقة السطحية للتربة بعمق من 15 – 40 سم مما يسهل من زراعة البذور.
2-  تساعد الحراثة على طمر مخلفات المحاصيل السابقة في التربة مما تساعد معه في إغناء خصوبة التربة بالمادة العضوية.
3-  تفكيك الطبقة السطحية مما يسهل من عملية اختراق الجذور وسهولة تنفسها وحصول النبات على المواد الغذائية الضرورية.
4-      تحضين النباتات بالتراب لمنع ميلانها واستقامة نموها.
5-      قتل الأعشاب والنباتات الغريبة المناسبة.

أنواع المحاريث:
سنذكر هنا المحاريث المعروفة في البيئة الريفية السورية والتي استخدمها الفلاحون فعلاً ومعروفة لديهم منذ القدم:

محراث قديم يجره دابة واحدة
1-   محاريث حيوانية: وهي المحاريث التي تجرها الحيوانات كالخيول أو الأبقار أو الجواميس وقد يكون المحراث مفرداً أي يحتاج عند جره لدابة واحدة وقد يكون مزدوجاً يحتاج لدابتين عند جره.
2-   محاريث حديثة آلية: وهي المحاريث التي تجرها الآلة مثل محاريث الجرارات الزراعية ولهذه المحاريث عدة أنواع منها:
    أ‌-   الكلفاتور: وهو محراث ذو عدة رؤوس يستعمل على الأغلب للفلاحة بين الأشجار وفي الأراضي غير العميقة كالأراضي الجبلية أو الصخرية لأن فلاحته سطحية لا تتعمق كثيراً في التربة.
 

أحد أنواع الكلفاتورات

نوع آخر من الكلفاتورات ذات العجلات
   ب‌-   السكة الزراعية: وهي عبارة عن صفائح قاسية من الفولاذ تستخدم لشق الأرض وقلبها ولأعماق بعيدة في التربة وتستخدم عادة في الأراضي غير المشجرة يبلغ عدد الصفائح في المحراث الواحد حوالي 3 -4 سكك.
السكة الزراعية
   ت‌-    المحراث الآلي القرصي:

وهو عبارة عن قرص مقعر يدور على محور مدرج يتراوح عدده على هيكل واحد من 1-7 أقراص وقطره بين 24-32 إنش مع أنه يوجد هنالك أقراص يتراوح قطرها بين 40-50 إنش ويتم صنعها حسب الطلب.

يعتمد هذا النوع من المحراث على وزنه وعلى مقدار الزاوية بين الهيكل وخط السحب. ويقوم بقطع التربة ودفنها بواسطة حركته الدائرية . فعملية الحراثة بواسطة القرص لوحده دون مكشطة تكون عبارة عن خلط للتربة في حين أن استعماله مع المكشطة يؤدي إلى قلب وتحويل التربة ويؤخذ على هذا المحراث بأنه لا يقوم بقلب التربة قلباً كاملاً. كما أنه يترك الكتل الترابية غير مفتتة تماماً. لهذا فإن عمله يحتاج إلى عمليات إضافية لتجهيز التربة الزراعية .
أقسام المحراث القديم:
يصنع المحراث القديم إما من الخشب أو الفولاذ وحالياً الأكثر استخداماً هو المحراث المصنوع من الفولاذ علماً أنه يدخل الخشب في تركيب بعض أجزائه إذا يستخدم حالياً الفولاذ والخشب معاً لصناعة المحراث القديم.
يتألف المحراث القديم وهو مجهز ومربوط بالدابة وبالأسماء المتعارف عليها من قبل الفلاحين من الأقسام التالية:
1.  الجطل: وهو زاوية حديدية توضع على رقبة الدابة ويربط بها ما يسمى بالعريش.

2.  العريش: وهما أنبوبان من الحديد بطول / 2 / متر يربطان بالجطل من الجانبين.

3.  الكدَّانة: وهي عبارة عن لفائف من القماش على شكل دائري توضع حول رقبة الدابة لحمايتها من العريش باعتباره معدن قاسي.

4.  حبال: وتربط من جانبي رأس الحيوان يمين ويسار ويستخدمان لتغيير اتجاه الدابة.

5.  الرَّكب: وهو الجزء الرئيسي في المحراث حيث تربط به سكة المحراث (المشفن).

6.  المشفن: وهي القطعة الحديدية من المحراث التي تقلب بها الأرض وتكون ذات رأس مدبب من الأمام لسهولة شق التربة.
7.  قبضة الفلاح: وهي مكان وضع يد الفلاح على المحراث أثناء عملية الحراثة.

والسؤال:
هل يستطيع فلاحنا في غمرة هذا التطور والتقدم أن يستغني عن المحراث القديم ويعتمد كلياً على المحراث الحديث؟.
الجواب: لا فهناك زراعات معينة تتطلب المحراث القديم حيث يفتت الطبقة السطحية القاسية من التربة إضافة إلى استخدامه في الأماكن ذات المساحات الزراعية الصغيرة واستخدامه أيضاً بين البساتين أي الأراضي المشجرة.
·       متى تكون الأرض الزراعية جاهزة للحراثة؟.
·   هناك اختبار يسمى اختبار قبضة اليد وهو أخذ كمية قليلة من التربة فإذا بقيت متماسكة دون أن تترك أثر على اليد أي تحوي نسبة بسيطة من الرطوبة عندها تكون الأرض الزراعية جاهزة للحراثة وإذا كانت مفككة غير متماسكة فتكون غي قابلة للحراثة.
وبالنهاية نحيي فلاحنا النشيط ونبارك جهوده سواءً بالحراثة القديمة أم الجديدة فهو الإنسان المعطاء دون حدود وبل كلل أوملل.
                                                    دراسة من إعداد
                                                             محمد أحمد الأحمد – موقع حارم.